العنف الأسري الممارس ضد الطفل من خلال التمايز النوعي في التنشئة الأسرية في الجزائر- ( مقاربة اجتماعية و ديمغرافية عن طريق دراسة ميدانية لعينة من الأسر الجزائرية )- الدكتورة عميرة جويدة – جامعة بوزريعة/الجزائر
مقدمة:
شهد العالم سنة 1989 وبعد عشر سنوات من النقاش المعمق نقلة نوعية في التطور التاريخي لحقوق الطفل إذ تبنت الهيئة العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، فأصبحت هذه الاتفاقية قانونا دوليا ابتداء من سنة 1990.
حيث وفرت اتفاقية حقوق الطفل مبادئ ومعايير واضحة لحمايتهم من العنف، إذ اعتبرت جميع أنواع العنف ضد الأطفال انتهاكا لحقوقهم الإنسانية. فحددت معايير حمايتهم من جميع أشكال العنف، سواء وقع عليهم داخل الأسرة أو خارجها.
من هنا نرى أن مشكلة العنف ضد الأطفال ترتدي أهمية بالغة التعقيد في المجتمع المعاصر، وهي متعددة الجوانب والوجود، بدءا بالعنف المدرسي والمجتمعي حتى الأسري كونه أساسا مرتبطا بالعوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع.
والعنف هو واحد من تلك الكلمات التي يعرفها كل واحد منا، ولكنها برغم ذلك فمن الصعب تعريفها، وكما استخدمها علماء النفس وأطباء النفس وعلماء التربية والاجتماع والسلوك فهي تغطي مدى واسعا جدا من السلوك الإنساني.
إلا أنه يمكننا القول أن العنف هو وسيلة لإلغاء الآخر. أين يصبح العنف بهذا المعنى شكلا من أشكال الاستبداد وتهميش للآخر وإلغاء دوره أو إلغائه مستندا في ذلك إلى ضروب الاستغلال والظلم والعدوان والحرمان والطغيان والتهميش وعدم المساواة.
إن العنف الذي يقوم به الآباء وخاصة الأمهات ضد أطفالهم هو عنف سلطة وتسلط له جذوره الراسخة في نظام القيم والمعتقدات والمصالح والنفوس المريضة التي شبوا عليها خاصة في مجتمعاتنا العربية.
الإشكالية:
بالنظر إلى الشكل الظاهري الذي يأخذه العنف ضد الأطفال من طرف أبائهم عامة وأمهاتهم خاصة نستطيع القول أن هناك ثلاثة أنواع للعنف الممارس عليهم ( العنف الجسدي، العنف الكلامي والعنف الرمزي )
ونحن في هذه الورقة البحثية سوف نتعرض إلى العنف الرمزي الذي يدخل ضمن العنف النفسي التي تمارس فيه الأمهات أثناء تنشئتها الاجتماعية لأطفالها سلوكا يقوم على التمييز بين أطفالها حسب الجنس بالاحتقار، الاهانة، الحرمان والإهمال… الخ.
إن الاهتمام بموضوع العنف ضد الطفل في الأسرة، وتحديدا منه، كما يظهر في عنوان هذه المقاربة البحثية، بموضوع التمايز النوعي في أصول تنشئة الأولاد وفي واقع تغيراته بالجزائر، هذا المجتمع الشديد التنوع في التركيبة الاجتماعية من حيث التمايز الطبقي أو التمايز الثقافي التعليمي والحضري، أو حتى على مستوى التمايزات الثقافية التي طبعته تاريخيا، جعلنا نتفطن إلى أنه لا يمكننا أن نقارب هذا موضوع إلا من خلال وعينا إلى أن هذه التركيبة المجتمعية المتنوعة التي وصفناها، ومع تفاوت تأثير أفرادها بعمليات التغيير، قد تسببت في إنتاج أنماط متنوعة وأحيانا متناقضة من أشكال الأسر في مجتمعنا يختلف فيها قيمة الطفل وأهميته في الأسرة حسب جنسه.
ومنه فلا يمكن أن نقارب موضوع التمايز في نمط التنشئة الأسرية للأولاد على أساس النوع إلا من خلال المقاربة الميكرو سوسيولوجية لأنماط الأسر في الجزائر ومن خلال قياس مدى تأثر أفرادها خاصة الأم بعمليات التثاقف.
واللجوء للمقاربات الميكرو سوسيولوجية غايته الأساسية تكمن في محاولتنا رصد التغيرات الفعلية التي يشهدها نظامنا العائلي الأبوي. فالمقاربة الميكرو سوسيولوجية هي التي ستمكن ووفق تصورنا، من فهم واقع هذا النظام اليوم بصراعاته وتغيراته الجوهرية التي تطال بنية نظامه التقليدي.
ورغم حدوث العديد من التغيرات الاجتماعية في الجزائر خاصة فيما يتعلق بوضع الأسرة عامة والمرأة خاصة، إلا أنه مازال هناك ميل نحو تفضيل الذكور في الأسرة، هذا لأن البناء الاجتماعي للأسرة فيها لازال هو بناء للأسرة الأبوية حيث يمثل فيها الذكور مركزا أعلى وقوة اقتصادية واجتماعية للعائلة، ويحقق الأبناء الذكور نوعا من الضمان الاجتماعي لآبائهم.
وإذا اعتبرنا الآثار والنتائج السلبية التي يمكن لهذا النوع من العنف والمتمثل في التميز بين الأطفال حسب جنسهم أثناء تنشئتهم داخل الأسرة، أن يتركه على مسار تطور نموهم الصحي والنفسي، ارتأينا أنه من واجبنا معرفة مميزات المتسببين في العنف الممارس عليهم في الوسط الأسري؟
فهل العنف الممارس ضد الأطفال في وسطهم الأسري سلوك غير متحكم فيه ناتج عن القيم الاجتماعية التي يعطيها المجتمع للأطفال حسب الجنس، أو ناتج عن إحباط تعانيه الأم خاصة جراء المنع الممارس عليها يوميا من طرف المجتمع؟
في ضوء هذا وغيره مما يضيق المقام عن التفصيل فيه كان موضوع هذه الدراسة الميدانية يبحث عن العنف الأسري الممارس ضد الطفل من خلال التمايز النوعي والتنشئة الأسرية في الجزائر.
وبهذا قمنا بوضع الافتراضات التالية:
* كلما كان سن الأمهات متقدما كلما ميزن أكثر في عملية تنشئة الأبناء حسب الجنس.
* ارتفاع المركز الاجتماعي للأمهات يقلل من حدة التفريق في تنشئة الأبناء حسب الجنس.
* انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة يزيد في عملية التفريق في تنشئة الأبناء حسب الجنس.
المنهجية المتبعة في الدراسة:
إن ميدان بحثنا هو ولاية الجزائر والوحدة الإحصائية للبحث كانت المرأة المتزوجة والتي أنجبت أطفال من كلا الجنسين وقت التحقيق، وتقيم كمقيمة دائمة بالجزائر العاصمة.
أما عن عينة بحثنا فكانت العينة العرضية والتي هي ضمن العينات الغير عشوائية وهذا النوع من العينات فرضه علينا مجتمع بحثنا الأم وذلك نظرا لانعدام أيطار المعاينة وهو عدد النساء المتزوجات والمنجبات فعلا في ولاية الجزائر.
وتماشيا مع الإمكانيات الزمنية لهذه الدراسة ثم استخدام العينة الغير عشوائية بدل الحصر الشامل لمجتمع الدراسة ككل، أي استخدام طريقة تصميم صفات الجزء على الكل باستعمال نسبة من العدد الكلي لحالات تتوفر فيهم خاصيات نهتم بها أو وفق متطلبات وأهداف الدراسة.
وبعد ما ثم تحديدنا واختيارنا للمجال المكاني والبشري بقي علينا تحديد الفترة الزمنية لإجراء ا لبحث وكانت بالفعل مابين 1- 20 جانفي2010.
ثم قمنا بتوزيع الاستمارات فبلغ عدد عينتنا حوالي 260 امرأة.
لقد شملت الاستمارة عدة أسئلة مغلقة (35 سؤالا) لتسهيل عملية الإجابة وعدة أسئلة مفتوحة(8 أسئلة) لإعطاء فرصة كافية للتحدث حول الموضوع وإعطاء رأيهن في الظاهرة وكذلك للوصول إلى نتائج كنا نجهلها في السابق، كما قمنا بإعطاء ترميز مسبق للأسئلة لتسهيل عملية تفريغ البيانات فيما بعد.
أما عن المنهج المتبع في هذه الدراسة فكان المنهج الإحصائي إذ ساعدنا في جمع البيانات وترتيبها وكذا تبويبها في جداول بسيطة ومركبة ثم تحليلها وتفسيرها وهذا وفقا للمعطيات الإحصائية المتحصل عليها من خلال الدراسة الميدانية للموضوع، مما مكننا من الوصول إلى الاستنتاجات في فهم واقع هذه الظاهرة.
نتائج الدراسة:
تبعا للفرضية الأولى التي مفادها أنه كلما كان سن الأمهات متقدما كلما ميزن أكثر في عملية تنشئة الأبناء حسب الجنس. ثم إنجاز الجداول التالية:
جدول رقم-1- يبين علاقة سن المراة بعدد الأطفال الذكور اللواتي كانت ترغب في إنجابهم.
عدد الذكور السن | 0-1 | 2-3 | 4-5 | 6 فأكثر | المجموع | |||||
ك | % | ك | % | ك | % | ك | % | ك | % | |
15-25 | 6 | 50 | 6 | 50 | – | – | – | – | 12 | 100 |
25-35 | 24 | 32. 43 | 48 | 64. 86 | 2 | 2. 10 | – | – | 74 | 100 |
35-45 | 8 | 14. 81 | 44 | 81. 48 | 2 | 3. 70 | – | – | 54 | 100 |
45-55 | 4 | 5. 40 | 60 | 81. 08 | 10 | 13. 51 | – | – | 74 | 100 |
55-65 | 2 | 0. 55 | 18 | 50 | 10 | 27. 78 | 8 | 22. 22 | 36 | 100 |
65-75 | – | – | 2 | 33. 33 | 4 | 66. 67 | – | – | 6 | 100 |
75-85 | – | – | 2 | 50 | 2 | 50 | – | – | 4 | 100 |
المجموع | 44 | 16. 92 | 178 | 68. 46 | 30 | 11. 54 | 8 | 3. 07 | 260 | 100 |
من الجدول نلاحظ أن أغلب أفراد عينتنا كن ترغبن في إنجاب مابين 2-3 ذكور بنسبة 68. 46% مقابل فقط 3. 07 % كن ترغبن في إنجاب أكثر من 6 ذكور.
وعندا إدخالنا لمتغير سن الأم نجد أن الأمهات المتوسطات في السن أي مابين 35-55 سنة هن اللواتي واظبن الاتجاه العام للجدول إذ بلغت نسبة من رغبن في إنجاب مابين 2-3 أطفال ذكور 81. 25 %.
فحين نجد أن الأمهات الصغيرات في السن رغبن في إنجاب طفل أو طفلين على الأكثر من الجنس الذكري بنسبة 100%. ومن جهة أخرى نجد أن أكثر من النصف أي حوالي 52. 17 % من الأمهات المتقدمات في السن رغبن في إنجاب أكثر من 4 ذكور وهذا يبين لنا أن لسن الأمهات تأثير بالغ الأهمية في عدد الذكور المرغوب إنجابه فكلما ارتفع سن الأم كلما ارتفع عدد الذكور المرغوب إنجابهم والعكس صحيح وهذا له في التمييز في التنشئة.
وإذا ما عرجنا للجنس الأخر آلا وهو الإناث نلاحظ أن أغلب الأمهات المستجوبات كن ترغبن في إنجاب مابين 2-3 بنات بنسبة 63. 08 % مقابل فقط نسبة 0. 77 كن ترغبن في إنجاب أكثر من 6 بنات ولمعرفة تأثير سن المرأة على هته الرغبة نجد ذوات السن المنخفض رغبن في إنجاب طفلة واحدة بنسبة 46. 51 % لمن تراوح سنهن مابين 15-35 سنة في حين اللواتي تراوح سنهن مابين35-65 سنة فأغلبهن رغبن في إنجاب مابين 2-3 بنات بنسبة 69. 51 %، أما المتقدمات في السن نجدهن كن ترغبن في إنجاب أكثر من 4 بنات بنسبة 30. 43 %.
إن هذا الاختلاف في عدد الأبناء الذين كانت ترغبن في إنجابهم خاصة الذكور منهم يرتفع عند الأمهات اللواتي كانت تقمن مع الأسر الموسعة بنسبة 63 %.
فالتصارع الحالي في العائلة الجزائرية بين تيارين، الأول هو الحفاظ على الأدوار والمكانة ذات النمط التقليدي والثاني نتاج ديناميكية تحصيل للقيم العصرية، كل واحد منهما يبحث على إزالة الآخر قصد الإبقاء على ذروته كنموذج مهيمن من أجل ذلك يتم تطوير استراتيجيات قصد فرض هيمنتهم على تنظيم العائلة.
وتعد المعارضة جد عنيفة نظرا لكونها تجعل في المعارضة معالم للهويات مرتبطة بنسقين معياريين مختلفين ذلك الذي يرتكز على المساواة في الحقوق والحظوظ بين الأفراد كذوات مسئولة ومستقلة، والآخر يرتكز على نحن جمعي/مشترك تسلطي وقديم. لهذا نجد عدم وجود اختلاف في جنس الطفل المرغوب إنجابه عند الأمهات الصغيرات في السن ذلك لوصولهن لدرجات علمية متقدمة وكذا نتيجة التحضر والتدين الذي بلغن إياه عكس الأمهات المتقدمات في السن فأغلبهن أميات أو لهن مستويات تعليمية متدنية وعانين في الغالب كما جاء على لسانهن من ظلم الرجل.
جدول رقم-2- يبين مدة الرضاعة الطبيعية حسب الجنس
جنس الطفل مدة الإرضاع بالأشهر | الذكور | الإناث | ||
ك | % | ك | % | |
00-04 | 2 | 0. 83 | – | – |
04-08 | 10 | 4. 17 | 42 | 16. 93 |
08-12 | 100 | 41. 67 | 98 | 39. 51 |
12-16 | 24 | 10 | 60 | 24. 19 |
16-20 | 66 | 27. 5 | 48 | 19. 35 |
20-24 | 38 | 15. 83 | – | – |
المجموع | 240 | 100 | 248 | 100 |
من الجدول نلاحظ أن متوسط مدة إرضاع الذكور بلغت 14. 27 شهرا فحين متوسط مدة إرضاع الإناث بلغت حوالي 11. 84 شهرا هذا يعني أن الذكور يؤخر فطامهم عكس الإناث. إذ نجد أن أكثر من نصف الإناث فطمن قبل بلوغهن سنة كاملة من العمر بنسبة 56. 45 % في حين الذكور 43. 33 % فطموا بعد سنة ونصف من ولادتهم وهذه النتيجة تبين التميز في الرضاعة والفطام حسب جنس الأبناء. إلا أنه أقل حدة عند الأمهات المتعلمات والمنخفضات في السن.
فالولد/الذكر إلى يومنا هذا يحظى باهتمام بالغ الأهمية، وحب كبير منذ ولادته وفي مختلف مراحل تطبيعه حيث أن مجيئه للحياة يحتفل به، بإقامة السابع عكس الأنثى في الغالب، كذلك يقام له فرح كبير عند ختانه وزواجه، والشيء الملاحظ أنه حتى اليوم في العائلات الجزائرية التي يمكن أن نقول عنها متحضرة وعصرية لا يزال عرس الذكر يحتفل به بإقامة وليمة بذبح الكباش والثيران… الخ، أما الأنثى فلا يقام لها نفس مستوى الحفل الذي يقام للذكر.
إذن فلا تمر مرحلة من مراحل حياة الذكر إلا وأقيم له فيها حفلا للتعبير عن قيمته ومكانته في المجتمع، أما البنت فهي أقل حظا من أخيها الولد، وقد نجد هذا التميز يمس كذلك حتى مرحلة الرضاعة أين يبقى الولد يتمتع بامتيازات دون أخته، حيث أن الرضاعة تكون من حق الولد أولا ويستمتع بوقت أطول من الرضاعة في حين يبقى حظ الفتاة من الرضاعة الطبيعية ضئيلا حيث تكون رضاعتها أكثر اصطناعية، ويبقى هذا التميز عميقا في حالة ولادة طفلين توأم من كلا الجنسين حيث يرضع الولد أولا وتفطم البنت أولا. (1)
تحليل نتائج الفرضية الثانية والتي مفادها أن ارتفاع المركز الاجتماعي للأمهات يقلل من حدة التفرقة في تنشئة الأبناء حسب الجنس.
جدول رقم-3- يبين علاقة المستوي التعليمي للأمهات بجنس الطفل المفضل لديهن
جنس الطفل المفضل المستوى التعليمي
| الذكور | الإناث | لا فرق | المجموع | ||||
ك | % | ك | % | ك | % | ك | % | |
أمي | 30 | 34. 88 | 24 | 27. 91 | 14 | 16. 28 | 86 | 100 |
ابتدائي | 26 | 46. 43 | 24 | 42. 56 | 6 | 10. 71 | 56 | 100 |
متوسط | 26 | 65 | 10 | 25 | 4 | 10 | 40 | 100 |
ثانوي | 8 | 22. 22 | 14 | 38. 89 | 14 | 38. 89 | 36 | 100 |
جامعي | 18 | 30 | 20 | 33. 33 | 22 | 36. 67 | 60 | 100 |
المجموع | 108 | 41. 54 | 92 | 35. 38 | 60 | 23. 08 | 260 | 100 |
من الجدول أعلاه نلاحظ أن أغلب المستجوبات يفضلن أبنائهم من الجنس الذكري بنسبة 41. 54 % تليها نسبة من تفضلن الجنس الأنثوي بنسبة 35. 38 %، كما أن هناك نسبة معتبرة من الأمهات ليس لديهن جنس مفضل.
وعند إدخالنا لمتغير مستواهن التعليمي لمعرفة تأثيره على هذه الآراء نجد أن النساء المتدنيات في المستوى التعليمي هن اللواتي تفضلن الذكور عن الإناث بنسبة 65 % لذوات المستوى التعليمي المتوسط و46. 43 % لذوات المستوى التعليمي الابتدائي و34. 88 % عند الأميات. فحين أن ذوات المستويات التعليمية العليا ليس لديهن تفضيل في جنس الطفل حيث نجد هذه الإجابة مثلت نسبة 38. 89 % عند ذوات المستوى التعليمي الثانوي ونسبة36. 67 % عند الجامعيات.
كما نجد هذا النوع من الإجابة تردد بكثرة عند النساء العاملات خاصة عند الإطارات العليا كما يبينه لنا الجدول رقم(6حيث بلغت نسبتها عند الإطارات العليا49. 09% و50%عند الإطارات المتوسطة. ومن الجدول نلاحظ كذلك أن الإطارات العليا نسبة هامة منهن تفضلن الإناث بنسبة45. 45% فحين ربات البيوت أي النساء الغير العاملات أغلبهن تفضلن الجنس الذكري بنسبة 73. 91 %.
إن تنشئة الأنثى تتجه منذ الطفولة المبكرة إلى تلقينها الفكرة المتمثلة في كون المرأة المتزوجة أفضل من العازبة وكون المرأة التي لديها أطفال أحسن من المرأة العاقر، وتحظى بالاحترام أوفر، وأن التي تنجب أكبر عدد من الذكور تنعم بأعلى قدر من السعادة والحماية، فهذا النوع من التطبيع يجعل المرأة الجزائرية تحب في اللاشعور الذكور، لأنها ترى فيهم السعادة والحماية الفعلية فمهما بلغت من مستوى تعليمي ومالي إلا وبقى حلمهما بقاء الولد الذكر حتى وان كان واحدا حيا معافى إلى غاية كبرها في السن.
وكأننا نعيش في دوامة من يخلق من؟ المرأة التي تخلق الولد أم الولد الذي يخلق وجودا لأمه، فالمرأة تضع وتخلق الولد/الذكر بيولوجيا وهو يخلق لها مكانة اجتماعية في مجتمعها.
إن الرؤية التي لا تعترف للمرأة بوجود آخر سوى ذلك الذي يرتبط بالزواج والأطفال، إذ تعيد إنتاج السلطة الذكورية تحت غطاء شرعية دينية التي تكرس قيم العرض والشرف العائلي يجعل لإنجاب الذكر قناة لإثبات ألذات واكتساب مكانة اجتماعية مرموقة لهذا تحاول أن تحيطه بكل أنواع الحب والاهتمام حتي يبقى صحيحا على قيد الحياة.
جدول رقم-4- يبين علاقة نوع مهنة للأمهات بجنس الطفل المفضل لديهن
جنس الطفل المفضل المهنة
| الذكور | الإناث | لا فرق | المجموع | ||||
ك | % | ك | % | ك | % | ك | % | |
إطار عالي | 3 | 5. 45 | 25 | 45. 45 | 27 | 49. 09 | 55 | 100 |
إطار متوسط | 5 | 12. 5 | 15 | 37. 5 | 20 | 50 | 40 | 100 |
عاملة بسيط | 15 | 30 | 25 | 50 | 10 | 20 | 50 | 100 |
ربت بيت | 85 | 73. 91 | 27 | 23. 48 | 3 | 2. 61 | 115 | 100 |
المجموع | 108 | 41. 54 | 92 | 35. 38 | 60 | 23. 08 | 260 | 100 |
جدول رقم-5- يبين علاقة المستوي التعليمي للأمهات بمدى التمييز بين الأبناء
مدى التمييز المستوى التعليمي | نعم | لا | المجموع | |||
ك | % | ك | % | ك | % | |
أمي | 32 | 50 | 32 | 50 | 64 | 100 |
ابتدائي | 20 | 52. 63 | 18 | 47. 37 | 38 | 100 |
متوسط | 14 | 40 | 21 | 60 | 35 | 100 |
ثانوي | 2 | 5. 56 | 34 | 94. 44 | 36 | 100 |
جامعي | – | – | 55 | 100 | 55 | 100 |
المجموع | 68 | 29. 82 | 160 | 70. 17 | 228 | 100 |
من الجدول أعلاه نلاحظ أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للأمهات انخفضت نسبة النساء اللواتي تميزن بين أبنائهن حيث بلغت نسبة 100 % عند ذوات المستوى التعليمي الجامعي و94. 44 % عند ذوات المستوى التعليمي الثانوي. والعكس صحيح حيث كلما أنخفض المستوى التعليمي للأمهات زادت نسبة التمييز في التربية بين الأبناء حيث مثلت نسبتهم 52. 63 % عند ذوات المستوى التعليمي الابتدائي و50% عند الأميات.
وعندما طرحنا عليهن سؤالا مفاده فيما يكمن التمييز والتفرقة بين الأبناء حسب الجنس؟ وقفنا عند الجدول أدناه الذي يبين لنا أن أكبر نسبة من النساء المستجوبات اللواتي تميزن بين أبنائهن كان يكمن التمييز في الأكل بنسبة 23. 53 % إذ صرحت لنا أنها تقدم الأكل الغني بالفيتامينات والوفير إلى الذكور، كما ذكرت نسبة 22. 06 % أنهن يميزن بين أبنائهن في مختلف وأتفه الأشياء حتى في اللعب وفي حضنهم… الخ.
إن التفرقة بين الجنسين الذكور والإناث عند بعض الأمهات تحمل تناقضات كثيرة فهي إذا تقوم على إلغاء التنوع في الجنس البشري، وهذا الذي دفع بالأسر الجزائرية إلى المزيد من الإنجاب المتكرر حتى الوصول إلى الذكر.
إن البنت في الأسرة الجزائرية توكل تربيتها إلى الأم، هذه الأخيرة تمارس سلطتها بحزم لإعدادها كي تكون أم وزوجة صالحة في المستقبل حيث يتم تلقينها قيم الحياة المنزلية وطريقة معاملة الزوج وتلبية رغباته وطاعة أوامره ويتدربن كيف يصبحن أحسن أمهات مربيات للأطفال.
إن تربية الفتاة في مجتمعنا تجري انطلاقا من تصورات الأسرة الموروثة من صلب قيم ومعايير ثقافية أي ضمن هذا المفهوم حصرت قيمة الفتاة من الناحية الجمالية والجنسية وجعل هدف حياتها هو الزواج والإنجاب خاصة الذكور.
وحتى لما يكبران نلاحظ التميز في الأكل فالولد يختار له ويحتفظ له بالنصيب الأوفر والجيد من الغذاء عكس البنت خاصة إذا كان واحد فقط فيحظى بكل وسائل النجاح وفرصه وإمكاناته هذه العناية يرافقها خوفها عليه.
هذه التربية التقليدية تقوم أساسا على التفرقة بين الجنسين وتفضيل الذكر على الأنثى. فلو ولد مولود ذكر في الأسرة تزغرد نساء العائلة ثلاث زغرادات رنانة مصحوبة بضجيج من الفرحة، وإذا كانت بنتا لا تسمع إلا عبارة لعنة أو كابوس في الغالب. (1)
جدول رقم-6- يبين نوع التمييز بين الأبناء
نوع التمييز | ك | % |
الحنان والدلع | 12 | 17. 65 |
الأكل | 16 | 23. 53 |
اللباس | 10 | 14. 70 |
الأكل واللباس | 15 | 22. 06 |
في كل شيء | 15 | 22. 06 |
المجموع | 68 | 100 |
تحليل نتائج الفرضية الثانية والتي مفادها أن انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة يزيد من عملية التفرقة في تنشئة الأبناء.
جدول رقم-7- يبين دخل الأسرة بنمط العنف الموجه للإناث
الجنس الدخل/دج | العنف الفيزيقي | العنف أللفضي | العنف السيكولوجي | المجموع | ||||
ك | % | ك | % | ك | % | ك | % | |
أقل من 10000 | 10 | 55. 55 | 7 | 38. 89 | 1 | 5. 55 | 18 | 100 |
10000-20000 | 8 | 61. 54 | 2 | 15. 38 | 3 | 23. 08 | 13 | 100 |
20000-30000 | 5 | 38. 46 | 1 | 7. 69 | 7 | 53. 85 | 13 | 100 |
30000-40000 | – | – | – | – | 10 | 100 | 10 | 100 |
أكثر من 40000 | – | – | – | – | 14 | 100 | 14 | 100 |
المجموع | 23 | 33. 82 | 10 | 14. 70 | 35 | 51. 47 | 68 | 100 |
عندما طرحنا على النساء المستجوبات اللواتي يميزون بين أبنائهم سؤالا أخر مفاده ما نوع العنف الذي تقدمونه لبناتكن. أجابت أكثر من نصف العينة 51. 47%. أنهن يمارسن العنف اليسكولوجي أو المعنوي عليهن كالتأنيب التوبيخ، التجاهل، اللوم، التخويف إذا ضربت أخوها أو انتزعت منه أي شيئا. تليها نسبت من تقدمن لهن عنف فيزيقي 33. 82% كالضرب وفي الأخير نسبة 14. 70 % ممن تقمن بسبهن وشتمهن بألفاظ سوقية وبالتنا بز بالألقاب إذا ما تعرضن إلى إخوتهم الذكور.
وعند إدخالنا لمتغير دخل الأسرة على نمط هذا العنف نلاحظ أن الأمهات الفقيرات يمارسن العنف الفيزيقي بنسبة 58. 06 % لمن لهن دخل لا يزيد عن 20000 دج فحين الغنيات تمارسن عليهن عنف سيكولوجي بنسبة 100 % لمن يزيد دخلهن الأسري عن 30000 دج.
يعتبر المستوى المعيشي للأفراد من العوامل الاجتماعية الاقتصادية المؤثرة على بعض الظواهر من بينها العنف ضد الأطفال لأنها تعكس وضع الأفراد في التعليم، العمل، السن عند أول زواج… الخ. فالفقراء كثيرا ما يوصفون بالإبكار بالزواج الأول، وانخفاض المستوى التعليمي، وحتى العوامل التي تحدد فارق المجال وقيمة الطفل حسب جنسه. حيث أن الطفل الذكر يعتبر عنصرا منتجا عند الأسرة الفقيرة إذ أن الفقير يعتمد على أطفاله الذكور في بعض الأعمال، لذا يحاول المحافظة عليهم.
ترتبط ممارسة الأمهات للعنف ضد بناتهن في الأسرة كأسلوب للتعامل مع الآخر، فالأمهات اللواتي يتصورن العنف كأسلوب ناجح للتعامل مع الآخر أكثر ممارسة للعنف ضد بناتهن67 % إلا أنهن للأسف لا تعرفن أن هذا النوع من العنف مهما كان نمطه قد يسبب لبناتهن عقداً نفسية، ويخلق لديهن ردات فعل عكسية، مولداً في أنفسهن حب الجريمة وارتكابها عندما يكبرن، بدوافع غالباً ما تكون دفينة نتيجة لما تعرضن له من أعمال عنف وشدة في طفولتهن، وغالباً ما يكون الهدف أو الغاية من جرائمهن إنما هو التخلص والانتقام لذواتهن. أو كرههن للجنس الأخر (الذكور) الذين كانوا سببا في هذا العنف الممارس عليهن، كما يظهر العنف النفسي كذلك جلياً في اختلال نمو شخصية البنت، وسلوكها اليومي، حيث تؤدي الإساءة العاطفية إلى سلوكيات انعزالية سلبية أو عدائية.
فالنقص العاطفي عند الأطفال سريرياً يفسر بالتبول اللاإرادي، ونوبات غضب شديدة، وانخفاض احترام الذات، ويتسبب كذلك بمشاكل تعليمية، وحذر مفرط من الذكور.
الخلاصة:
رغم حدوث العديد من التغيرات الاجتماعية في الجزائر خاصة فيما يتعلق بوضع المرأة، إلا أنه مازال هناك ميل نحو تفضيل الذكور في الأسرة الجزائرية وهذه النتائج المتوصل إليها تشبه نتائج المسوح الأسرية المقامة بالجزائر فحسب نتائج المسح الجزائري حول صحة الأم والطفل 1992 من بين السيدات اللاتي أعلن أنهن قادرات أو راغبات في الإنجاب %33 يفضلن مولودا ذكر و24% يفضلن مولود أنثى كما أنه من بين السيدات اللاتي أعلن أنهن قادرات وراغبات في الإنجاب، وليس لديهن أطفال أحياء نجد 21% تفضلن مولود ذكر مقابل 8% (1) فقط تفضلن مولود أنثى طبعا. لكن في التحقيق الأخير المسح الجزائري حول صحة الأسرة 2002 إنخفضت هذه النسبة إلى 14، 5% تردن طفل من جنس ذكر و12، 3 تردن طفل من جنس أنثى(2)
إننا نلاحظ حسب التحقيقات أن تفضيل الذكور يكون أكثر عند عدم وجوده في الأسرة أو انخفاضه عن عدد الإناث، هذا لأن البناء الاجتماعي للأسرة الجزائرية هو بناء للأسرة الأبوية حيث يمثل فيها الذكور مركزا أعلى وقوة اقتصادية واجتماعية للعائلة، ويحقق الأبناء الذكور نوعا من الضمان الاجتماعي لوالديهم، لأنهم يكونون مسئولون عنهم في الكبر في حالة المرض والشيخوخة، وتبقى الذكورة رمزا للقوة والهيبة في العائلة، وغالبا ما تكون الرغبة والبحث عن الذكر هدف أساسي في إنجاب سلالة كبيرة.
وبالنسبة للمرأة الأم فالأطفال خاصة الذكور لا يشكلون فقط تأمينا اجتماعيا، وإنما كذلك أداة ثمينة لإثبات هويتها الأنثوية واكتساب الاحترام والاعتراف الاجتماعيين داخل الأسرة والجماعة في آن واحد، فالتبعية الاقتصادية للنساء تجاه الرجال تجعلهن عند التفكير في مخاطر المستقبل وسبيل تأمين شيخوختهن أمل إنجاب الذكور الشيء الذي يجعل معدل خصوبتهن أعلى مما لو كان السند منتظرا من الجنسين على السواء.
وهذا الحب المفرط في إنجاب الذكور شكل حب جاما لهم، ميزه تمييزا واضحا أثناء تنشئتهم مع أخواتهم الإناث، حيث تتعرضن الأخوات الإناث في بعض إلى عنف نفسي سيكولوجي من طرف أمهاتهم من سب، صد، وعدم الاكتراث العاطفي والتحقير… الخ، مما يأثر بشكل حاسم في نموها ورفهيتها، خاصة أنها آتية من شخص جدير بالاحترام وهي الأم للأسف الشديد لهذا لابد من إدراج حصص توعوية في هذا المجال عبر مؤسساتنا الاجتماعية كالمدارس والمساجد وحتى عبر قنوات الإعلام لإظهار مساوئ التفرقة بين جنس الأطفال في الأسرة، لما لها من انعكاسات وخيمة على نموهم النفسي.
قائمة المراجع:
- السعداوي نوال. المرأة والجنس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1976.
- وزارة الصحة والسكان وآخرون. المسح الجزائري حول صحة الأم والطفل1992، الجزائر، 1994.
3- Dujardin Camille la Coste. Des mère contre des femmes، éd. Bouchène، Alger، 1990.
4- Ministère de la santé de la population et de la réforme hospitalière et autre. Enquête Algérienne sur la santé de la famille 2002، Alger، 2004.
5 – Zerdouni Nafissa. Enfants d’hier، l’éducation de l’enfant en milieu traditionnel algérien، librairie française Naspero، Paris، 1970.
(1) Camille la Coste Dujardin. Des mère contre des femmes، éd. Bouchène، Alger، 1990، P51
(2) Nafissa Zerdouni. Enfants d’hier، l’éducation de l’enfant en milieu traditionnel algérien، librairie française Naspero، Paris، 1970، P162
(1) وزارة الصحة والسكان وآخرون. المسح الجزائري حول صحة الأم والطفل1992، الجزائر، 1994، ص 267
(2) Ministère de la santé de la population et de la réforme hospitalière et autre. Enquête Algérienne sur la santé de la famille 2002، Alger، 2004، P134