تطور مناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية في جمهورية مصر العربية من فترة 1953 – 2004-داليا محمد على عين شمس التربية قسم المناهج وطرق التدريس الماجستير 2008
ملخص الدراسة:
تتميز التربية الإسلامية بقدرتها على تربية النشء وفق السلوك القويم والأخلاقيات التي نادي بها الإسلام وإعدادها المواطنين لتحمل أعباء الحياة في كل زمان ومكان بما يتفق ومبادئ الدين الإسلامي، والدراسة التاريخية لمناهج التربية الدينية الإسلامية تكشف عن القيم الدينية وتؤكد الذاتية الإسلامية والعربية للشخصية المصرية.
إن فهم تطور المنهج الدراسي يعطي وعياً أعمق بتأثير المتغيرات المختلفة في المنهج وأدراك المتغيرات الحاضرة والمتوقعة بالإضافة إلى المتغيرات الماضية كأسلوب علمي يساعد على التنبؤ بالمستقبل ولذلك يجب الاهتمام بالدراسات التاريخية في مجال المناهج حتى تصبح مرشدة أمام صانعي السياسية التعليمية والقائمون على تخطيط المنهج وتطويره عن طريق الإلمام بخبرات الماضي وتجاربه وما أسفرت عنه من نتائج وظهور الأزمة الخلقية والسلوك المنحرف والمتعصب والمتطرف ، والوضع العالمي للمناهج الدينية الإسلامية في العالم العربي، كل ذلك يؤيد إجراء هذه الدراسة لتحديد مواطن القوة ومواطن الضعف في مناهج التربية الدينية الإسلامية في المرحلة الإعدادية والخروج منها بخبرات أكثر ارتبطا بواقعنا.
تحددت مشكلة البحث في الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما أهم التغيرات التي طرأت على المجتمع المصري في النصف الثاني من القرن العشرين؟
2- ما مظاهر التجديد التربوي التي ظهرت على الساحة في تلك الفترة، وما أهم السياسات التعليمية في تلك المرحلة الزمنية؟
3- ما مظاهر التطور التي طرأت على مناهج التربية الدينية الإسلامية في المرحلة الإعدادية في الفترة السابقة من حيث :
- خطة الدراسة- أهداف تعليم الدين الإسلامي -المواد التعليمية والكتب المدرسية-طرق التدريس وأنشطته ، وأساليب التقويم كما تكشف عنها الوثائق التاريخية.
4- ما الأسس المقترحة لتطوير مناهج التربية الدينية الإسلامية؟ وما أهم معالم هذا التطوير؟
إجراءات البحث:
وللإجابة عن أسئلة البحث قامت الباحثة بتناول الخطوات التالية:
- استعراض الدراسات والبحوث السابقة في مجال تطور المناهج الدراسية، والكشف عن افتقار المجال إلى البحوث التاريخية إذا ما قيست بغيرها من الدراسات، وهو ما أكد على الحاجة إلى إجراء الدراسة الحالية كما كشف عن بعض الأسس التي أثبتت البحوث أهميتها في مجال تعليم الدين الإسلامي والاستفادة منها في هذه الدراسة.
- التعرف على التغيرات المجتمعية التي طرأت على المجتمع المصري، وكذلك العوامل التي يمكن أن تؤثر في تطور مناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية منذ نشأة المرحلة كمرحلة مستقلة بذاتها عن المرحلة الابتدائية والثانوية في الفترة من ( 1953- حتى 2007) وتقسيم هذه الفترة إلى أربع مراحل تاريخية في ضوء الأحداث ونقاط التحول في تاريخ المجتمع المصري سياسيا واجتماعياً وعلمياً وتشتمل على:
المرحلة من ( 1953- 1974) ، والمرحلة ( 1975- 1980) والمرحلة ( 1981- 1991) والمرحلة ، ( 1992- حتى 2007)
دراسة ملامح المجتمع المصري في كل مرحلة تاريخية وأهم التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي شهدها المجتمع في المراحل التاريخية المتعاقبة، ودراسة مظاهر التجديد التربوي التي شهدتها الساحة التربوية في المجتمع المصري والتي أبرزتها الكتابات والوثائق التعليمية في كل مرحلة من المراحل التاريخية، ودراسة اتجاهات السياسية التعليمية فيما يتعلق بالمرحلة الإعدادية والمناهج الدراسية والتربية الدينية الإسلامية منذ نشأة المرحلة الإعدادية، ثم استخلاص أهم العوامل التي أدت إلى تطوير المناهج الدراسية في كل مرحلة تاريخية.
- دراسة التطور في الخطط الدراسية والأهداف التدريسية لمناهج التربية الإسلامية في المرحلة الإعدادية في الفترة من ( 1953- 2007 ) المقسمة إلى المراحل التاريخية التي تم تحديدها في الخطوة السابقة.
وقامت الباحثة بإيجاد تفسير للتطورات التي طرأت على الخطط والأهداف الدراسية لمناهج التربية الدينية الإسلامية في ضوء التغيرات المجتمعية التي شهدها المجتمع المصري في كل مرحلة من المراحل التاريخية.
- تناولت التطور في محتوى مناهج التربية الدينية الإسلامية خلال الفترة من:
( 1953- 2007 ) المقسمة إلى أربع مراحل تاريخية، ومحاولة دراسة وتحليل المحتوى وتفسيره في ضوء التغيرات المجتمعية في كل مرحلة، والتعرف على مدى تحقق الأهداف التربوية وارتباطها بها، والتطور الذي مر خلاله المحتوى.
- تناولت التطور في الأنشطة والوسائل والتوجيهات التدريسية والتقويم في الفترة من ( 1953- 2007 ) المقسمة إلى أربع مراحل تاريخية، ودراسة مدى ارتباطها بالتطور في الأهداف التدريسية والمحتوى كإحدى العناصر الأساسية في مناهج التربية الدينية الإسلامية، ودراسة التقويم ومدى التطور الذي مر به على مستوى طلاب المرحلة الإعدادية ومستوى المنهج وتفسيرها في ضوء المتغيرات المجتمعية للمجتمع المصري.
- تناولت الأسس المقترحة لتطوير مناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية وذلك من خلال دراسة العوامل المؤثرة في بناء المناهج الدراسية حيث أن هذه العوامل في تغير وتطور مستمر، مما يدعو إلى الاهتمام بها عبر المراحل التاريخية، وفي ضوء ما يشهده المجتمع من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، ودراسة تطور مناهج التربية الإسلامية منذ نشأتها وحتى عام 2007 تم التوصل إلى مبادئ خطة مقترحة للاسترشاد بها في تطوير مناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية في جمهورية مصر العربية.
ثانياً : أهم النتائج :
كانت أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة فيما يلي :
1- شكلت التربية الدينية الإسلامية دوراً أساسياً وركناً مهماً في مناهج التعليم الإعدادي في جميع المراحل التاريخية، ففي مرحلة ما بعد ثورة 23 يوليو 1952 تأثير كبير في تشكيل المجتمع سياسياً واقتصاديا واجتماعيا وثقافياً، وجاء الاهتمام بالتربية الدينية الإسلامية في إطار تأكيد قيم ومبادئ المجتمع الثوري الجديد وضمان ولاء النشء لمبادئ وأفكار وتوجهات رجال الثورة بإبراز مدى اتساقها وتعاليم الدين ومن ذلك الاشتراكية ، والوحدة العربية، العمل.
أما في المرحلة التي تلت الانتصار في حرب أكتوبر 1973 حققت مصر نقطة انطلاقة في تاريخها على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي وبرزت قيم اجتماعية جديدة وازدادت الحرية الفكرية والثقافية بالمجتمع وارتبط التعليم باحتياجات ومتطلبات المجتمع المصري.
كذلك في مرحلة السلام والاتجاه نحو تحقيق التنمية الشاملة يأتي الاهتمام بالتربية الدينية الإسلامية في إطار مواجهة الأمراض الاجتماعية التي ظهرت في المجتمع نتيجة لسلسلة من السياسيات الخاطئة والظروف التي مر بها المجتمع في فترات سابقة، وشهد المجتمع المصري العديد من التغيرات المجتمعية على المستوى المحلي والعالمي حيث اتسع المجال الثقافي والتكنولوجي بظهور العولمة كمفهوم جديد وكان على مصر مواجهة التحديات ومواكبة التغيرات المتسارعة ومواجهة مخاطر التطرف الفكري والتعصب باعتبارها أمراض تهدد أمن واستقرار المجتمع المصري وتغيرت النظرة لمفهوم التعليم من كونه قضية خدمات إلى قضية أمن قومي واستثمار في رأس المال البشري وللتميز والتميز حق للجميع، وتأكيد مناهج التربية الدينية الإسلامية في ظل هذه المتغيرات وما يفرضه القرن القادم من تحديات على إعداد الإنسان المصري القادر على التفاعل الإيجابي في المجتمع ولديه القدرة على مواجهة تحديات العصر في ظل تعاليم ومبادئ الدين الإسلامي.
2- كشفت دراسة التطور في الخطط الدراسية لمناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية منذ نشأة المرحلة وحتي الآن بأنها لم تمر بأي تعديل أو تغير حيث كانت بعيدة عن التغيرات المجتمعية التي شهدها المجتمع المصري في تلك الفترة علي المستوي المحلي والعالمي وكذلك اتجاهات تطوير العملية التعليمية.
3- استجابت أهداف مناهج التربية الدينية الإسلامية للتطور الحادث في العلوم التربوية والتطورات المجتمعية بصورة جيدة، بعد أن كانت مجرد عبارات عامة تذكر في بداية المقرر الدراسي وليس أهداف لمنهج دراسي في مرحلة تعليمية، فجاءت أكثر تحديداً ودقة في صياغتها وأكثر تعبيراً عن خصائص المجتمع المصري في المرحلتين ( 81-1991) و ( 92- 2007 )، وازداد الاهتمام بالأهداف في صياغتها على مستوى المرحلة الإعدادية ككل، ثم على مستوى كل صف دراسي داخل المرحلة وأكثر ارتباطا بالتطورات المجتمعية مما يؤكد على التحول والتغير في فلسفة التربية في مصر في المرحلة ( 92- 2007) حيث جعلت المتعلم العنصر النشط، والفعال في العملية التعليمية حيث جاءت صياغة الأهداف تعبر عن نشاط دور المتعلم والاتجاه نحو الصياغة السلوكية للأهداف بأن يعبر الهدف عن التغيير المتوقع حدوثه في سلوك المتعلم بعد مروره بالخبرات التربوية التي اشتمل عليها المنهج الدراسي.
4- تحصيل المتعلم لأكبر قدر ممكن من المعارف الدينية يحدده القائمون على وضع المناهج بدون الالتفات لمطالب النمو في المرحلة الإعدادية في المرحلتين (1953- 1974) ، (1975- 1980)، ونالت طبيعة المتعلم الوزن الأكبر في تحديد أهداف المنهج في القدر والنوعية المقدمة من المعارف الدينية مع ما يتناسب من قدرات المتعلم واحتياجاته واستعداداته ، ولطبيعة المجتمع المصري المرتبة الثانية كمحدد لاختيار وصياغة الأهداف حيث ظهر تأثير بعض القضايا التي تشغل المجتمع مثل التكافل الاجتماعي والسلام العالمي والوعي البيئي واحترام الحقوق العامة والحرية والمسئولية في المرحلتين ( 81-1991) و (1992-2007).
5- من أهم عوامل تغيير المناهج في المرحلة ( 53-1974) والمرحلة ( 75- 1980) التغيير في توجهات القيادة السياسية والتطورات السياسية التي عاشها المجتمع المصري ومن ذلك تعديل المنهج في ضوء محاولات الوحدة المتكررة مع الدول العربية وتعديلها في ضوء بيان القيادة السياسية ، وفي المرحلتين ( 81-1991) و ( 92- 2007 ) كانت أهم عوامل التغيير في المناهج من الدعوة إلى تكامل المعرفة بتحقيق التكامل بين فروع المادة، وتخليص المقررات من الحشو والتكرار والاهتمام بالتقويم على مستوى الطلاب والمنهج كمدخل للتطوير ، والاهتمام بمعالجة مستويات أعلى من التفكير وتحقيق مفاهيم التعلم الذاتي والتعليم المستمر واختصار المعرفة في مجموعة من المبادئ والمفاهيم والمهارات الأساسية التي تمكن المتعلم من الاستمرار في التعليم .
6- تأثرت سياسات التعليم بالتوجهات السياسية للمجتمع وعبرت عن طموحاته في كل مرحلة من مراحل تطوره، ففي المرحلة (1953- 1974) سيطرت توجهات قادة الثورة علي التعليم في شكل قوانين وقرارات تسعي إلي التغيير الجذري للأوضاع القائمة وفي المرحلة (1975- 1980) وبعد تحقيق نصر أكتوبر فرضت السياسات الجديدة علي التعليم أن يساير التغيرات مع كون الواقع لا يتحمل تحقيقها بصورة مفاجئة وذلك حينما سعت السياسة التعليمية لتحقيق كافة الإصلاحات في مجال التعليم دفعة واحدة مما أدي إلي تعثرها، وفي المرحلتين(1981- 1991) و(1992- 2007) جاءت السياسات التعليمية معبره عن التحولات السياسية من التحول نحو السلام والاتجاه نحو تحقيق التنمية الشاملة وتأصيل الديمقراطية ومكافحة التعصب الديني ومواجهة النتائج السلبية الناتجة عن الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي والغزو المعرفي والثقافي.
7- اختصار محتوي تعليم الدين الإسلامي في المعارف الأساسية من بعد أن كان محتوي مناهج التربية الدينية يشتمل علي أكبر قدر من المعارف والمعلومات الدينية في مناهج المرحلتين (1953- 1974) و(1975- 1980) ، وبدأ في التناقص في المرحلتين (1981- 1991) و (1992- 2007) إلي حد كبير في ظل اتجاه السياسة التعليمية نحو تقليل حجم المقررات واختصارها و تركيز المناهج الدراسية اهتمامها بالجانب العلاجي في التربية الدينية الإسلامية في المرحلة (1953- 1974) و المرحلة (1975- 1980) في تعليم الدين لمواجهه العديد من السلوكيات الخاطئة التي يرفضها الدين الإسلامي وعرض موقف الدين منها لطلاب المرحلة الإعدادية، وأهمل هذا الجانب بالرغم من أهميته في المرحلتين (1981- 1991) و (1992- 2007).
8- اتفاق جميع المناهج عبر المراحل التاريخية لهذه الدراسة علي ضرورة الابتعاد عن القضايا الخلافية والفرعيات وتعدد الآراء المذهبية في تقديم موضوعات التربية الدينية الإسلامية لطلاب المرحلة الإعدادية.
9- إعطاء مزيد من الاهتمام بالأنشطة الدينية المصاحبة للمنهج حيث جاءت مناهج (1992- 2007) موكدة علي أهمية النشاط الديني وضرورة ارتباطه بالمقررات الدراسية وتعدد أوجه النشاط كأحدي العناصر الأساسية في المنهج لتحقيق التربية المتكاملة في شخصية المتعلم.
10- تنوع أساليب التقويم والاهتمام بالمستويات العليا من التفكير في تقويم المتعلم للكشف عن مدي فعالية التدريس ووضع المعايير الخاصة لقياس وتقويم مختلف جوانب شخصية المتعلم وتحقيق أهداف منهج التربية الدينية الإسلامية وظهور مفهوم التقويم الشامل للمنهج الدراسي بمراجعة مناهج التربية الدينية وطرق التدريس والارتفاع بمستوي الأداء والعائد السلوكي للتوصل إلي أوجه القصور والكشف عنها واقتراح العلاج المناسب لها وفي ضوء ذلك يتم تطوير المنهج.
11- من خلال الأسس المقترحة التي تم اشتقاقها من الحديث عن تطوير المناهج الدراسية بصفة عامة ومناقشة نتائج الدراسة التاريخية بصفة خاصة تم بناء مبادئ لخطة مقترحة يمكن الإفادة منها في تطوير مناهج التربية الدينية الإسلامية للمرحلة الإعدادية في جمهورية مصر العربية و تناولت مكونات المنهج بمفهومه الحديث.