أثر الذكاءات المتعددة على التحصيل الدراسي و الدافعية والاندماج في العمل لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية-سعيد احمد عبد الفتاح مصطفى القاهرة معهد الدراسات التربوية علم النفس التربوي دكتوراه 2009
ملخص الدراسة:
مـقـــدمــــة الدراسـة وموضوعها :
يتميز العصر الحالي بالعديد من التغيرات والتحولات السريعة، التي تستوجب إعادة النظر في المناهج وأساليب التدريس للتأكد من مواكبتها لما يستجد من تطورات واتجاهات معاصرة.
فالمتتبع للتقدم العلمي والتقني في التعليم والجهود التي تبذل في سبيل تطويره، ومع وجود كل العلوم الحديثة والدقيقة في كل المجالات، إلا أن العلوم الرياضية تبقى تخصصا”” هاما””، يتصل بكل علم من العلوم، والأهم من ذلك تدريسها، والذي يعتبر من أصعب أنواع التدريس من حيث إعداد المعلم وتأهيله، وتطوير التلميذ ليصل إلى أعلى مستوى في فهم الرياضيات، ليكون لديه الحس الرياضي الذي يستطيع استخدامه في حياته العملية، ولذلك لابد من الاهتمام بأساليب واستراتيجيات تدريس الرياضيات في القرن إلحادي والعشرين، والتي تسهم في تنمية التفكير وربط ما يتم تعليمه وتعلمه بالحياة .
( فتحي حمدان، 2005، 11)* .
ونظرا”” للأهمية القصوى التي تحتلها الرياضيات حيث تنتشر تطبيقاتها في شتى مناحي الحياة فقد بذل المهتمون بها جهودا”” متواصلة لتطوير مناهجها وأساليب تدريسها، وهى الجهود التي أفرزت العديد من الرؤى والتصورات التي أسهمت في الارتقاء بمستوى المناهج وأساليب التدريس .
ويحتم الانفجار المعرفي على النظم التربوية، التعامل مع المعرفة بصيغة جديدة، تتعدى المستويات الدنيا من القدرات العقلية كالحفظ، إلى تبنى وسائل واستراتيجيات تنمى القدرات الفكرية لدى التلاميذ وتوظيفها وتطبيقاتها في الحياة ( إبراهيم الحارثى،2002،1)، ويذكر وليم عبيد (2000، 4 ) أنه لابد من تطوير مناهج الرياضيات وأساليب تدريسها ــــــــــــــــــــــ
* يشير الرقم الأول لسنة النشر، أما الرقم بعد الفاصلة فيشير إلى رقم الصفحة في قائمة المراجع
لتنشيط التلميذ ليتمكن من اكتساب المعرفة الرياضية بنفسه بطريقة تتلاءم مع بنيته المعرفية، مستثمرا”” قدراته وإمكانياته، مما يكسبه الثقة بنفسه، وبطريقة تساعده على تطبيق المعرفة التي اكتسبها في مواقف جديدة .
وتعتبر الاستراتيجيات الحديثة في التدريس، من أكثر الاستراتيجيات التي تسهم في زيادة التحصيل المعرفي، وعليه فهي تكتسب أهمية بالغة في تطوير طرق التعليم وتبسيط المعرفة، وتكوين مهارات عملية وتطبيقية لدى المتعلمين، ونظرا”” لوجود العديد من استراتيجيات التدريس، فينبغي على المعلم أن يقدم الاستراتيجيات المناسبة للدرس، وتطبيقها فعليا”” وبالتالي توجيه التلاميذ لاستخدامها بالطريقة الصحيحة والمناسبة لمضمون الدرس ( نيفين البركاتى، 2008، 5).
ويضيف محمد عباس وآخرون ( 2007:21) أن عملية التجديد والتحديث في مجال طرائق واستراتيجيات التدريس لم تعد مجال نقاش بل أصبحت من الأمور الملحة المقطوع بأهميتها، بين المختصين ومطلبا”” حيويا”” ملحا””، من أجل إحداث التوازن بين الحياة سريعة التغير، في عصر العولمة، والدور الذي تقوم به النظم التربوية والتعليمية . ومن أشهر تلك الاستراتيجيات، استراتيجيات الذكاءات المتعددة.
ولقد قدم “” جاردنر”” (1983) في كتابه أطر العقل البشرى Frames of mind مفهوماً جديداً للذكاء الإنساني من خلال نظرية الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences Theory، والتي وضع دعائمها الأساسية من فروع علم النفس المختلفة (المعرفي، والنمائي، والعصبي ) 0 مقترحاً وجود سبعة ذكاءات أساسية على الأقل هي الذكاءات
( الرياضي / المنطقي، واللغوي، والمكاني، والجسمي، والموسيقى، والشخصي، والاجتماعي ).
و لقد سعى “” جاردنر “” في نظريته عن الذكاءات المتعددة إلى توسيع مجال الإمكانيات
الإنسـانية بحيث تتعدى تقدير نسبة الذكاء، ولقد تشكك على نحو جاد وتساءل عن صدق
تحديد ذكاء التلميذ عن طريق نزع شخص من بيئة تعلمه الطبيعية وسؤاله أو الطلب منه أن
يؤدى مهام منعزلة لم يهتم بها من قبل، ويحتمل أنه لن يختار أبداً القيام بها، ولقد اقترح “”
جاردنر”” بدلاً من ذلك أن الذكاء إمكانية تتعلق بالقدرة على : حـل المشكلات، وتشكيل
النواتج في سياق خصب وموقف طبيعي ( جابر عبد الحميد،2003، 9).
وتعد نظرية الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences (MI) لـ “” جارد نر”” من أحدث النظريات التربوية التي ظهرت في نهاية القرن العشرين، والتي أحدثت ما يشبه بالثورة في مجال الممارسات التدريسية ؛ لتغير نظرة المعلمين عن متعلميهم. وأصبحت الأساليب الملائمة للتعامل مع المتعلمين تسير وفق قدراتهم الذهنية . حيث ترى النظرية أن الإنسان يجب أن ينظر إليه على أن لديه عددا”” من العوامل المستقلة نسبيا”” من الإمكانات العقلية . وأطلق “”جارد نر”” على هذه الإمكانات الذكاءات المتعددة، وينص”” جاردنر”” على أن كل فرد يمتلك هذه الأنماط، وأن باستطاعة كل فرد التعلم من خلالها.
Armstrong , 2000 ,9 ) ) .
والذكاء عند “”جاردنر”” عبارة عن مجموعة من المهارات تمكن الشخص من حل مشكلاته 0وكذلك القدرات التي تمكن الشخص من إنتاج له تقديـره وقيمته في المجتمع والقدرة على إضافة معرفة جديدة، وليس عبارة عن بعد واحد فقط بل عدة أبعاد (مدثر أحمد، 2003، 179)، وقد اقترح “” جاردنر”” رؤية جديدة للتعليم في المدارس، تعتمد على اختلاف العقل من فرد إلى أخر، والذي ينتج عنه اختلاف النظرة للمدرسة، ويمكن اعتبار ذلك مدرسة متحركة حول الفرد، وتؤسس هذه المدرسة الشمولية للعقل، وعلى إدراك الجوانب المختلفة للمعرفة، والاعتراف باختلاف نقاط الضعف ونقاط القوة المختلفة لدى الأفراد المختلفين والأساليب المختلفة للمعرفة لديهم (مجدي إبراهيم،2002، 15).
ونظرية الذكاءات المتعددة تقدم رؤية أخرى للذكاء لها أساس معرفي بيولوجي في إطار ثقافي محدد، وتعتبر مفهوم الذكاء أكثر اتساعاً ومرونة وقابلية للنمو نتيجة تراكم المعرفة، وأكثر تحرراً من القيود التي كان يفرضها الاتجاه التقليدي الضيق في قياس وتقييم الذكاء،
وتقدم اختبارات ذكاء تتميز بالمألوفية للفرد لأنها ضمن إطاره الثقافي الذي يعيش فيه
(صلاح الدين الشريف،2001، 56).
ولقد أجريت دراسات عديدة لبيان نتائج التدريس وفقا”” لفكر “” جارد نر””، حيث يبين أحمد أوزى (2002) أن النظرية تساعد على تحسين المردود التعليمي، وتساعد على رفع أداء المعلمين، حيث تراعى طبيعة كل المتعلمين في الفصل، وتنطلق من اهتماماتهم،
وتراعى ميولهم، وقدراتهم، وتنمى مهاراتهم، وتطورها. ووصفها جابر عبد الحميد
( 2003: 7 ) بقوله : “”لعل أفضل وصف لنظرية الذكاءات المتعددة أنها تعد فلسفة للتربية، ومدخلا”” جديدا”” للتعلم، أو نموذجا”” رفيعا”” من نماذج التربية، وأن هذا أصدق وصف لها، حيث أنها تمثل برنامجا”” يتألف من أساليب محددة، وإستراتيجيات معينة، وهى بهذا المعنى تقدم للتربويين فرصا”” كبيرة ليصوغوا على نحو خلاق مبادئها الرئيسية في مواقف تعليمية وتربوية لا حصر لها .
ولكن كيف يمكن للمعلم أن يخاطب هذه الذكاءات تربويا”” ؟ وكيف يتلمس هذه الأنماط في تلاميذه ؟ وكيف يتعامل بها التربويون مع المعلمين قبل أن ينزلوا إلى الميدان ؟ وكيف يقنعونهم بها وهم في سلك التدريس ؟ إن الإجابة تتمثل في أن وسيلة المعلم في ذلك هي طريقة التدريس، فإذا امتلك المعلم عددا”” من الاستراتيجيات المناسبة، فانه يتمكن من مساعدة تلاميذه على فهم ما يعرض عليهم، وما يمارسونه من أنشطة تعليمية تمكنهم في نهاية الأمر من اكتساب مهارة ما، لذا فالمعلم مطالب بأن يترجم النظرية إلى مواقف تعلمية ( إسماعيل الدرديرى وآخرون، 2001، 81) .
وتتمثل أفضل الطرق المناسبة لتطبيق نظرية الذكاءات المتعددة على المنهج التعليمي في استخدام المعلمين مجموعة استراتيجيات تدريسية مرنة ومتنوعة لكل نوع من أنواع الذكاءات المتعددةDickinson, 2000))، فالنظرية توفر سياقات يستطيع المعلمون على أساسها معالجة أي مهارة، أو محتوى، أو جانب، أو مجال، أو موضوع . وتقدم النظرية وسيلة لوضع خطط دروس يومية، ووحدات أسبوعية، أو شهرية، أو برامج
سنوية (Teele ,1991, 49)، وتفتح الباب على مصراعيه لاستراتيجيات تدريس متنوعة
يمكن تنفيذها بسهولة في حجرة الدراسة، وتقدم للمعلمين فرصا”” ليطوروا استراتيجيات تدريس مبتكرة تعد جديدة نسبيا”” على المسرح التربوي تتناسب مع جميع التلاميذ في جميع الأوقات ( Campbell,1997,14) .
إن تركيز المعلم على استراتيجية تدريسية معينة – كما هو الواقع الآن في مدارسنا – يحتمل أن يكون ناجحا”” مع مجموعة من التلاميذ، لكنه أقل نجاحا”” مع مجموعة أخرى، حيث إن التلاميذ لديهم نزعات مختلفة ( Armstrong , 2000 , 32) . ولذا تقترح
النظرية أن أفضل ما يقدمه المعلمون هو استخدام مدى عريض من استراتيجيات التدريس
مع تلاميذهم، ومن ثم يستطيع المعلمون التنويع في استراتيجيات الذكاءات من عرض إلى عرض، ومن درس إلى درس أخر، ومن ثم سوف تتاح لهم خلال الحصة، أو اليوم مخاطبة أكثر ذكاءات التلميذ نماء”” ومن ثم تعمل على انغماسه على نحو نشط في التعلم.
( Lazear, 1993, 54) .
وهناك عدد كبير من الاستراتيجيات التي تنتمي إلى كل نوع من أنواع الذكاءات المختلفة، ولقد صممت هذه الاستراتيجيات تصميما”” عاما”” بما يكفى لتطبيقها في أي مستوى صفى، ومع ذلك فهي محددة بدرجة تتطلب قدرا”” قليلا”” من التخمين لتنفيذها
( جابر عبد الحميد، 2003، 88) .
وتوظيف المعلم لأنواع الذكاءات المتعددة يتمثل في قدرته على التنقل من استراتيجيات التدريس المنبثقة من نظرية الذكاءات المتعددة، التي تساعد على التحكم في شكل التفاعل بينه وبين المتعلم من خلال تقديم خيارات متعددة للمتعلمين عن ما سيقومون بتعلمه، وتشجع تلك الاستراتيجيات المتعلمين على التعلم وفق ما يملكونه فعلا من إمكانات ومعلومات لتعلم محتوى ما، أو مهارة جديدة ( Kallenbach , 1999,17).
وتؤكد “” كرستيسون”” (Christison (1999:10 على أن المعلمين الذين يستخدمون استراتيجيات الذكاءات المتعددة في تدريسهم يجدون – من خلالها – فهما”” أعمق لما يقدر
أن يفعله متعلموهم، وإدراكا أكبر لقواهم، كما يلاحظون أن المتعلمين يصبحون أكثر اندماجا”” في تعلمهم، لأنهم يستخدمون أنماطهم التي تقابل ذكاءاتهم الذاتية، فضلا”” عن أن تلك الاستراتيجيات توسع مفهوم المعلمين عن التدريس الفعال، والمتقبل Acceptable، والممارسات التدريسية Teaching practices وأكدت “”كرستيسون”” أيضا”” على أن النظرية يمكن أن توفر سيلا”” لفهم المعلمين لأنماط ذكاءات المتعلمين، ومن ثم بناء استراتيجيات تدريسية وفقا”” لها، بما يمكن المعلمين من استخدامها كمرشد في تطوير الأنشطة الصفية بما يقابل الأنماط المتعددة للتعلم والمعرفة .
ويرى كل من “”جاردنر وهاتش”” Gardner & Hatch (1989:4 – 10) أن تلك
الذكاءات منفصلة عن بعضها تشريحياً، إلا أنه من النادر أن تعمل مستقلة بعضها عن
بعض، بل تعمل وتستخدم بصورة توافقية منسجمة وتكمل بعضها فعندما يقوم التلميذ بتطوير مهارات معينة أو حل مشكلات أثناء تعلمه يحتاج إلى معظمها، فعلى سبيل المثال يستطيع الطالب أن يتفوق في دراسته إذا كان لديه : ذكاء رياضي أو منطقي يمكنه من فهم وربط الحقائـق واكتشاف النماذج والأنمـاط واستخلاص النتائج 0وذكاء لغوى يمكنه من التعبير عن نفسه بلغة سهلة مفهومـه ويعبر عن المعلومات التي لديه بطـلاقة 0وذكاء شخصي يؤدى به إلى حل التناقضات الداخلية واحترام الذات وقوة الشخصية، وذكاء اجتماعي يمكنه من فهم كيفية إقناع أساتذته بشيء معين وجذبهم عاطفياً نحو أعماله .
ولكي تسهم نظرية الذكاءات المتعددة في تنمية مهارات التعلم لدى التلاميذ في حجرة الدراسة ينبغي على المعلم الذي يقوم بعملية التدريس أن لا يكون تقليديا في تدريسه بل عليه أن يغير من طريقته في العرض من حين إلى أخر، فيبدأ مثلا بالعرض اللغوي ثم ينتقل إلى الصور والأشكال ثم ينتقل إلى استخدام الموسيقى في عرضه، إلى غير ذلك من سبل توظيف الذكاءات المتعددة في طريقة العرض، وعليه أن يجتهد في استحداث طرق مبتكرة للتوليف بين أنواع الذكاءات المختلفة، وهذا بلا شك يحتاج من المعلم وقتا وجهدا كبيرين، ونجاح المعلم في ذلك يجعل تلاميذه ذوى مهارات تعلم عالية وأكثر خبرة ودراية فضلا عن كونهم أكثر تفاعلا مع معلمهم ومع بعضهم البعض.
( جابر عبد الحميد،2003،67-68).
إن هذه النظرية تزود المعلمين والآباء كذلك بإطار معرفي عملي كي يتم تفصيل التعليم على مقاس التلميذ – إن صح التعبير – فعلي المعلم أن يدرك في صف دراسي قوامه ( 30 ) تلميذاً مثلاً أنه لا يوجد اثنان متشابهان أبداً على الإطلاق . ومن هنا فإن نظرية الذكاءات المتعددة تستوعب كل هذه الاختلافات . والفروق الفردية والتشعبات وتشجع المعلم على تنمية كل طريقة وإستراتيجية خاصة بكل تلميذ على حده، وهنا يكمن واجب المعلم في ملاحظة قدرات تلاميذه وأساليبهم في التعلم حتى يكون قادراً على تغيير أو تحسين طرائق التدريس . وهنا يصح القول : إذا كان التلميذ لا يتعلم بطريقة المعلم فمن ثم يجب على المعلم أن يعلم بالطريقة التي يتعلم بها التلميذ . وعندما يقوم المدرس بتعليم تلك الطرق والاستراتيجيات التي يفضلها التلاميذ في التعلم، عندئذ يستطيع الاختيار إما تعزيز إنجازات
التلميذ المتمكن أو تشجيع الطالب الضعيف لتحسين إنتاجه المعرفي( سعادة خليل، 2004 )
فقيمة أي نظام تعليمي تتحدد في قدرته على تحقيق أهدافه، وإذا كان أسمي هدف للتعليم هو إعداد التلميذ لكي ينجح خارج المدرسة، فان هذا يفرض علينا إعداده لكافة المهارات الموجودة في المجتمع والتي تتناسب مع قدراته وميوله، إلا أن تركيز المناهج الدراسية في كافة المستويات التعليمية على القدرات اللغوية والمنطقية الرياضية، وحصرها لمجمل القدرات بهما إيماناً منها بعامل الذكاء الأوحد، الذي تقسيه اختبارات الذكاء لا تعد التلميذ إلا لمهن وحاجات محدودة لا تلبي الاحتياجات المتنوعة لعالم اليوم ويؤكد ذلك جابر عبد الحميد ( 2003 :137) حيث يري أن معظم مدارسنا في الوقت الحاضر تعتبر البرامج التي تركز على الذكاءات المهملة ( الذكاء الموسيقي، والمكاني والجسمي الحركي والاجتماعي والشخصي ) موضوعات هشة أو على الأقل هامشية بالنسبة للمقررات الدراسية المحورية.
وتؤكد ذلك أيضاً وجيهة الحويدر ( 2002 ) حيث تري أن النظام التعليمي يطور جانبين
فقط من ذكاء الإنسان ويركز على إثرائهما وهما الذكاء اللغوي والذكاء الرياضي وبالتالي الأنواع الأخرى تضمحل وتتلاشي لدي المتعلم لأن منشطاتها مغيبة أو مهمشة بشكل أو بأخر . يترتب على ذلك أن المتعلم الذي لا يمتلك أحد هذين الذكائيين لا يحصل على ما يثري روحه ويجدد إقباله على التعلم فيكون عرضة للفشل ويدفعه لمغادرة الصفوف الدراسية.
وهكذا فقد قدمت نظرية الذكاءات المتعددة فضاءاً جديداً وحياً لعملية التعليم والتعلم فهي فضاء تتمحورفيه العملية التعليمية حول المتعلم ذاته بحيث يعمل وينتج ويتواصل بشكل يحقق فيه ذاته ويشبع رغباته ( أحمد إوزي، 2002)، وباستخدام نظرية الذكاءات المتعددة في التدريس يمكن أن نضفي على الفصل الحيوية والنشاط ومساعدة الطفل على تحقيق النجاح ( محمد حسين، 2003 أ، 217 ).
وأحد أهم النقاط في نظرية الذكاءات المتعددة، أنه إذا لم يكن لدي التلميذ سوي موهبة
واحدة ( لا تتعلق بالمهارات اللغوية أو الرياضية المنطقية مثلاً فإنها لن تدخل في حساب
الذكاء التقليدي مع أنها موهبة جديرة بالتنمية والتطور وسيمثل ذلك خسارة فادحة لهذا
التلميذ الذي لا يملك موهبة غيرها وللمجتمع الذي يحتاج إلى كل موهبة مهما كان نوعها ومستواها لحل مشكلاته الكثيرة والمتنوعة . ( رنا قوشحة،2003، 5 )، بالإضافة إلى ذلك فإن نظرية الذكاءات المتعددة تتجاوز نظرتنا التقليدية لعملية التعليم والتعلم، وقد أتت هذه النظرية في لحظة تاريخية من حياتنا ذلك أن مواطني القرن الواحد والعشرين لن ينجحوا ويزدهروا بمجرد إجادة القراءة والحساب، فهم في حاجة لأن يصبحوا قادرين على حل المشكلات، وأن يدركوا ويستوعبوا كل المداخل المعرفية ويعالجوها بطرق مرنة لكي يصبحوا أفراداً منتجين حيث تزودنا الأنواع المتعددة للذكاء بأدوات لمواجهة هذا التحدي (محمد حسين،2003أ، 214 ).
وهناك إستراتيجيات تقليدية كثيرة تستخدم في التدريس في معظم مدارسنا وهى التي تشير إلى الفصول التي يكون فيها التعليم معتمداً على المعلم بشكل كبير فيقوم المعلم بالدور
الرئيسي في العملية التعليمية و مشاركة محدودة من التلاميذ(Dilihunt, 2003.5) إضافة
إلى ذلك فإن الاستراتيجيات التقليدية هي إستراتيجيات تدريس استخدمت على نطاق واسع في مختلف الفصول الدراسية وهى تعتمد على المعلمين في تقديم المعلومات والخبرات الأكاديمية وتوجيه التلاميذ عن طريق التفاعل بين المعلم وتلاميذه “” وجهاً لوجه “”. Lindsay,2001,22) ).
ويؤكد محمد حسين ( 2003أ : 87 ) على دور المعلم في تطبيق استراتيجيات الذكاءات المتعددة، فهو ينتقل من ذكاء إلى آخر أثناء تقديم مجالات المعرفة للأطفال، ونجده في بعض الأحيان يدمج ويجمع بين الذكاءات بطرق مبتكرة، فنجده يمكث بعض الوقت في الحديث أو الكتابة على السبورة أيضاً يرسم على السبورة أو يعرض شريط فيديو يثري الفكرة، كما يلجأ إلى الأنشطة الموسيقية ويمد الأطفال بالخبرات اليدوية، ومن ثم يتيح للأطفال فرص التفاعل مع بعضهم البعض سواء في مجموعات صغيرة أو كبيرة، كما يخطط بعض الوقت ليسمح لتفاعل الطفل مع نفسه في الأعمال الفردية .
ويمكن المقارنة بين المعلم في حجرة متعددة الذكاءات والمعلم في حجرة الدراسة التقليدية
، فالمعلم في حجرة الدراسة التي تعتمد على طرق التدريس التقليدية يحاضر وهو يقف في مقدمة حجرة الدراسة، ويكتب على السبورة ويطرح أسئلة على التلاميذ عن ما كلفهم بقراءته أو ما وزعه عليهم من أوراق ثم ينتظر حتى ينهي التلاميذ عملهم التحريري، بينما في حجرة الدراسة التي يعتمد فيها المعلم في تدريسه على استراتيجيات الذكاءات المتعددة نجده يغير على نحو مستمر طريقته في العرض من العرض اللغوي إلى استخدام الأشكال والصور إلى استخدام الموسيقي وهلم جرا، وكثيراً ما يؤلف بين الذكاءات بطرق مبتكرة، وقد يقضي المعلم الذي بتبني هذه النظرية جزءاً من الوقت يحاضر ويكتب على السبورة أمام التلاميذ – فهذا على أية حال – أسلوب تدريس مشروع، لكن المدرس ببساطة يكثر من عمل هذا، والمدرس صاحب هذا التوجه – على أية حال – يرسم صوراً على السبورة ويعرض شريط فيديو ليوضح فكرة وكثيراً ما يسمعهم موسيقي في بعض الأحيان أثناء اليوم إما لتهيئة المسرح لهدف أو لإبراز نقطة أو لتوفير بيئة للدرس والمذاكرة، والمعلم الذي يستخدم استراتيجيات الذكاءات المتعددة يوفر خبرات يضع التلاميذ يدهم عليها سواء تطلب هذا قيام التلاميذ وحركتهم أو تمرير مادة أعدها لتحيي ما يعرضه من محتوي، أو يجعل التلاميذ يبنون شيئاً محسوساً ليدل على فهمهم، إنه يجعل التلاميذ يتفاعلون الواحد مع الآخر بطرق مختلفة ( أزواجاً أوفي جماعات صغيرة أو في جماعات كبيرة ) وهو يخطط الوقت للتلاميذ ليندمجوا في تأمل ذاتي، وليقوموا بعمل ذي خطو ذاتي أو بربط خبراتهم ومشاعرهم بالمادة التي تدرس ( جابر عبد الحميد،2003، 67 – 68 ).
إن أهم ما يميز نظرية الذكاءات المتعددة لـ “”جاردنر”” عن غيرها من نظريات الذكاء الإنساني الأخرى أن لها مجالات وممارسات تربوية واسعة التطبيق وخاصة فيما يخص الممارسات الصفية للتلاميذ ونظرية الذكاءات المتعددة رغم ما ولدته من جدل في الدوائر النفسية إلا أنها حظيت بدعم شديد في الدوائر التربوية، وذلك لتوافقها مع المفاهيم التربوية، وأشكال التطبيق التربوية لهذه النظرية لا يمكن حصرها، غير أن رواد النظرية من خلال دراساتهم وبحوثهم جذبوا الانتباه إلى دور النظرية في تطوير المناهج التعليمية،
وعرضها بكيفية أكثر فائدة و أجدى نفعا للتلاميذ من خلال الممارسات اللاصفية، كما أن
للنظرية دورا”” في قياس وتقييم الأداء الدراسي مع التأكيد على مبدأ الفروق الفردية بين
التلاميذ أثناء استجاباتهم وتفاعلهم مع معلميهم داخل الصف الدراسي، وتقدم النظرية للمعلمين إطارا مرجعيا مألوفا”” للتأكد من تشخيصهم لقدرات التلاميذ، ووضع ما يتلاءم وهذه القدرات من خبرات تعليمية وأنشطة ثقافية في حيز التطبيق مع مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ في محيط الفصل الدراسي أثناء التطبيق وقد ساعدت هذه النظرية المعلم على توسيع دائرة الاستراتيجيات التدريسية ليصل إلى عدد أكبر من التلاميذ على اختلاف ذكاءاتهم وأنماط تعلمهم ( محمد حسين، 2005، 74).
كما يشير هوارد جاردنر ( 2004، 632) إلى أن استخدام هذه النظرية يساعد على التحليل الدقيق والمتمايز للطرق التي يمكن من خلالها رؤية أهداف تربوية متنوعة والسعي إلى تحقيقها .
لذا يستوجب الأمر على المعلمين أن يلاحظوا تلاميذهم أثناء أدائهم الدراسي ليتعرفوا
على الطرق التي يظهر بها تلاميذهم الذكاء ويستثمرون نقاط القوة لديهم ليقدموا لهم من خلالها المعرفة، والمعلومات، والخبرات التي تعينهم على التعلم وتحقيق مستوى دراسي أفضل .
ويساعدنا مفهوم الدافعية في تفسير الفروق بين التلاميذ في التحصيل المدرسي تلك التي لا تنتج عن في الذكاء أو الاستعداد الأكاديمي، وترجع أهمية دافعية التلميذ عند المدرس لأنها هدف في حد ذاتها ووسيلة لتحقيق الأهداف التربوية . وهى كهدف أحد أغراض التعليم . فنحن نريد لتلاميذنا أن يهتموا بأنشطة عقلية وجمالية معينة وأن يحافظوا على هذا الاهتمام بعد الانتهاء من التدريس النظامي. والدافعية كوسيلة تعتبر أحد العوامل التي تحدد التحصيل كالتعلم السابق والذكاء، حيث أكدت العديد من الدراسات أن المستويات العالية من التحصيل ترتبط بالمستويات العالية من الدافعية ( جابر عبد الحميد،1994، 319 – 320).
ولكي ينجح المعلم في العملية التعليمية لابد أن يهتم بدوافع المتعلمين وميولهم واتجاهاتهم فالدوافع تنشط السلوك نحو تحقيق هدف معين. لذلك يمكن للمعلم توجيه هذا النشاط نحو آداءات أفضل، والعمل على استمرارية هذا النشاط وتنوعه في مواقف التعلم المختلفة لذلك
فإن اختيار المواقف التعليمية، يعد من الأمور الهامة والضرورية، من حيث ما يمكن
للمتعلمين ممارسة أعمالهم وتوجيه نشاطهم .
والبحث عن القوى الدافعة التي تظهر سلوك المتعلم وتوجهه، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعملية التعلم والتعليم، فالدافعية شرط أساسي يتوقف عليه تحقيق الأهداف التعليمية في مجالات التعلم المتعددة، سواء في تحصيل المعلومات والمعارف (الجانب المعرفي)، أو تكوين الاتجاهات والقيم (الجانب الوجداني)، أو في تكوين المهارات المختلفة التي تخضع لعوامل التدريب والممارسة (الجانب الحركي). ومعرفة علاقة الدافعية بالتحصيل الدراسي يساعد المعلم على فهم العوامل المؤثرة في التحصيل، ويساعده على استخدام الاستراتيجيات التي تشجع هؤلاء التلاميذ على استثمار ما يمتلكونه من قدرات تفيد في زيادة فاعلية العملية التعليمية. وتؤثر الدوافع على عملية الانتباه والإدراك والتحليل والتذكر والتفكير والابتكار وهذه بدورها ترتبط بالتعلم وتؤثر فيه وتتأثر به، ومن ثم تعتبر الدافعية عاملا”” أساسيا للتعلم والتحصيل والإنجاز في كافة مجالات النشاط الإنساني .
( فتحي الزيات، 1995، 449-452) .
واندماج التلاميذ في العمل المدرسي عبارة عن حالة نفسية داخلية تدل على أن الطفل مشغول بعمل سليم وأن كل إنسان عليه أن يجد لنفسه شيئاً ما يحبه ويتمسك به . والتلاميذ عندما يشعرون بالملل في المدرسة يقاومون ويتمردون وعندما يغمرهم التحدث يشعرون بالتلهف على القيام بواجباتهم المدرسية، فالطفل يتعلم على نحو أفضل عندما يكون لديه شيء يهتم به ويشعر بأنه يدخل على نفسه السرور أثناء انشغاله به.
(محمد حسين، 2003 ب، 384 ).
وأكدت دراسة داون Dawn (2004) أن توظيف برنامج لنظرية الذكاءات المتعددة قد شجع التلاميذ على أن يندمجوا في تعلمهم بشدة، وزيادة وقت المذاكرة المنزلية، وكذلك زيادة الاهتمام بالمواد الدراسية .
ويؤكد التلاميذ المنغمسون في العمل على التعلم كهدف، وينسون أنفسهم ويركزون على متطلبات العمل، يحلون المشكلة أو المعادلة أو يكتبون تقريراً عن كتاب … الخ .والتلاميذ المنغمسون في العمل يدركون القدرة على أنها من حيث المعني قريبة من التعلم
وأن بذل جهداً كبير يمكن أن يزيد القدرة ويشعر التلاميذ بأنهم أكثر كفاءة إذا بذلوا جهداً
أكبر لكي ينجحوا، لأن التعلم غاية في ذاته ويقتضي قدرة أعظم ويتحسن الانغماس في
العمل في ظل ظروف التعلم الفردي ( حيث يقوم التلاميذ بالمقارنة بأدائهم السابق ) وفي ظل ظروف التعلم التعاوني ؛ حيث يعمل التلاميذ في جماعة لإنجاز المهام.
(جابر عبد الحميد، 1999، 30 ).
ويؤكد ذلك جابر عبد الحميد (1994 : 319) حيث يري أن الدافعية تساعدنا في تفسير الفروق بين التلاميذ في التحصيل الدراسي تلك التي لا تنتج عن الفروق في الذكاء أو الاستعداد الدراسي . أي أن التحصيل يكون أكبر أو أقل من التحصيل المتوقع على أساس ذكاء التلميذ أو استعداده الدراسي.
ويمكن القول بصفة عامة أن تلاميذ الصفوف الابتدائية الأولى شغوفون جدا”” بالتعلم . ومن أفضل الأشياء في تدريس هذه الصفوف أن تتوافر دافعية للتلاميذ منبثقة من داخل الأنشطة ومشكلة المعلم هي كيف يستخدم هذا ليفيد منه على أكبر نحو وأعظمه؟
( جابر عبد الحميد، 1994، 137 ).
ويري الباحث أن أفضل الوسائل لتعليم الأطفال هو عن طريق تحفيزهم داخلياً باستغلال الحالات الإيجابية التي تعني أن الطفل منهمك في عمل يناسبه ويجيده بل ويحبه ولا يشعر أثناءه بالملل بل يشعر بالتحدي والرغبة في إنجاز الواجبات المدرسية، وذلك لجذبهم إلى التعلم في المجالات التي يستطيعون فيها تنمية كفاءاتهم وهكذا يصبح التعلم مصدرا”” للسرور لا للملل .
يتضح مما سبق أهمية كل من دافعية التلاميذ والاندماج في العمل في زيادة التحصيل الدراسي الذي يعد من أهم أهداف العملية التعليمية لأنه أساس النجاح الأكاديمي ومن ثم النجاح في العمل الميداني ؛ ونظرا لأن الدراسات السابقة التي تناولت علاقة استخدام إستراتيجيات الذكاءات المتعددة بدافعية التلاميذ نحو تعلم مفاهيم الرياضيات قد اختلفت في نتائجها حيث أكدت نتائج دراسة ديلهانت( Dilihunt (2003 عدم زيادة مستوي دافعية التلاميذ نحو تعلم الرياضيات نتيجة استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة . في حين أكدت نتائج دراسة كاثرين (Kathryn (2001 أن التدريس باستراتيجيات الذكاءات المتعددة له دور فعال في زيادة دافعية التلاميذ نحو برامج التعلم وأكدت دراسة “” هيرب وزملاؤه “”( Herbe et al ,(2002 أن الأنشطة التعليمية القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة التي استخدمها المعلمون في التدريس اليومي لتلاميذهم داخل حجرة الدراسة قد أدت إلى زيادة الدافعية لدى أفراد العينة.
وأكدت نتائج دراسة داون(Dawn(2004 أن البرنامج الموسيقي المرئي زاد من اندماج
التلاميذ في العمل وكذلك أكدت نتائج دراسة ديلهانتDilihunt(2003) أن استراتيجية الذكاءات المتعددة زادت من اندماج التلاميذ في العمل .
واتفقت نتائج معظم الدراسات السابقة على أن أساليب التدريس المنبثقة عن نظرية الذكاءات المتعددة قد أدت إلي تحسن دال في مستوى التحصيل الدراسي في الرياضيات أفضل من نتائج أساليب التدريس التقليدية مثل نتائج دراسة نيفين البركاتى (2008) ونتائج دراسة أونيكا وآخرون ( Onika et al. (2008 ونتائج دراسة عزة عبد السميع وآخرون (2006) ونتائج دراسة محمود بدر (2003) ونتائج دراسة دراسة نائلة الخزندار (2002) ونتائج دراسة ويليس Willis (2001) نتائج دراسة صلاح الدين الشريف (2001) ونتائج دراسة سنسيا Cynthia(2000)، ولعل ذلك يرجع لكون أساليب التدريس التقليدية تركز على الفروق في إجراءات التعلم، بينما تركز أساليب التدريس القائمة على نظرية الذكاءات المتعددة على المحتوى ونتائج عملية التعلم.
في حين أكدت نتائج دراسات أبو زيد سعيد الشويقى (2005) ونتائج دراسة Collin (2002) أنه لم يوجد أثر في استخدام استراتيجية الذكاءات المتعددة على التحصيل الدراسي في الرياضيات .
نظراً لما تقدم يقوم الباحث بالدراسة الحالية لتعرف أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة فى تدريس الرياضيات على التحصيل والدافعية والاندماج في العمل لدي تلاميذ الصف السادس الابتدائي.
مشكلة الدراسة:
نظراً لما سبق ونظرا”” لندرة الدراسات السابقة التي تناولت أثر استراتيجيات الذكاءات
المتعددة على مستوى دافعية التلاميذ لتعلم مفاهيم الرياضيات واندماج التلاميذ في العمل
ومستوى التحصيل في الرياضيات. ونظرا”” لأن الدراسات السابقة قد اختلفت في نتائجها حول استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة في زيادة دافعية التلاميذ نحو الدراسة بصفة عامة وتعلم مفاهيم الرياضيات بصفة خاصة، وكذلك ندرة الدراسات السابقة التي تناولت أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة في زيادة اندماج التلاميذ في العمل المدرسي، وكذلك اختلفت نتائج الدراسات السابقة حول أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة على التحصيل الدراسي . يمكن للباحث أن يحدد مشكلة الدراسة الحالية في التساؤل الرئيس التالي : ما أثر استراتيجيات الذكاءات المتعددة على الدافعية والاندماج في العمل و التحصيل الدراسي لدي تلاميذ الصف السادس الابتدائي ؟
ويتفرع منه التساؤلات الفرعية التالية :
1 – ما أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة على الدافعية لدي تلاميذ الصف السادس الابتدائي ؟
2- ما أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة على الاندماج في العمل لدي تلاميذ الصف السادس الابتدائي ؟
3- ما أثر استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة على التحصيل الدراسي لدي تلاميذ الصف السادس الابتدائي ؟
أهداف الدراسة :
تسعي الدراسة الحالية لتحقيق الأهداف التالية :
1- الكشف عن طبيعة الفروق في مستوى دافعية تلاميذ الصف السادس الابتدائي نحو تعلم مفاهيم الرياضيات الذين درسوا الرياضيات باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة والتلاميذ الذين درسوا الرياضيات باستخدام الطريقة التقليدية.
2- الكشف عن طبيعة الفروق في مستوى اندماج تلاميذ الصف السادس الابتدائي في العمل الذين درسوا الرياضيات باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة والتلاميذ الذين درسوا الرياضيات باستخدام الطريقة التقليدية.
3- الكشف عن طبيعة الفروق في مستوى تحصيل تلاميذ الصف السادس الابتدائي الذين
درسوا الرياضيات باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة والتلاميذ الذين درسوا الرياضيات باستخدام الطريقة التقليدية.
أهمية الدراسة :
تتلخص أهمية الدراسة الحالية في أمرين :-
نظري .. ويتمثل في الكشف عن نتائج تضاف إلى المعرفة المتوافرة في الموضوع وما أسفرت عنه الدراسات السابقة.
تطبيقي ويتمثل في ….
1- بناء برنامج لتدريس الرياضيات للصف الدراسي الثاني باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة.
2- توظيف نتائج الدراسة الحالية في إعداد المناهج الدراسية بحيث تسمح لكل تلميذ بالتعلم بالطريقة التي تناسبه وحسب ما تؤهله إمكاناته وقدراته .
حدود الدراسة :
تتحدد الدراسة الحالية بما يلي :-
1- تقتصر الدراسة الحالية على عينة من تلاميذ الصف السادس الابتدائي ( 97 ) تلميذاً وتلميذة (فصلين دارسين) من تلاميذ مدرسة كفر السابى الابتدائية إدارة شبراخيت التعليمية محافظة البحيرة، تقسم إلى مجموعتين :-
المجموعة التجريبية : يدرس لها باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة .
المجموعة الضابطة : يدرس لها باستخدام بالطريقة التقليدية..
2 – يتم تطبيق البرنامج فترة الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 2007/2008 م .
منهج الدراسة:
تعتمد الدراسة المنهج التجريبي يتمثل في : تصميم المجموعتين التجريبية والضابطة.
المتغيرات المستقلة : * البرنامج المقترح .
المتغيرات التابعة : * التحصيل الدراسي.
* الدافعية.
* الاندماج في العمل.
أدوات الدراسة :
1- البرنامج المقترح لتدريس الرياضيات للصف السادس الابتدائي للفصل الدراسي الثاني
باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة . إعداد”” الباحث “”
2- اختبار تحصيلي في وحدة دراسية من كتاب الرياضيات للصف السادس الابتدائي
(2007/2008)( قبلي / بعدى) للمجموعتين التجريبية والضابطة. إعداد”” الباحث “”
3 – اختبار تحصيلي في مقرر الرياضيات للصف السادس الابتدائي للفصل الدراسي الثاني
(2007/2008) بعدي للمجموعتين التجريبية والضابطة. إعداد”” الباحث “”
4 – بطاقة ملاحظة اندماج التلاميذ في العمل ( قبلي / بعدي )
إعداد (Elliso & Dillihunt ,2001) تعريب وتقنين الباحث .
5- مقياس الدافعية نحو تعلم مفاهيم الرياضيات لدى التلاميذ ( قبلي / بعدي )
إعداد Boykin ( 1999) تعريب وتقنين الباحث .
مصطلحات الدراسة:-
يقدم الباحث التعاريف التالية للمصطلحات الواردة في الدراسة على النحو التالي :
1- الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences
اقترح “” هوارد جاردنر”” (1983) Howard Gardner في كتابه “” أطر العقل”” Frames of mind أن الذكاء إمكانية تتعلق بالقدرة على حل المشكلات أو تشكيل النواتج في سياق خصب وموقف طبيعي واقترح “” جاردنر “” أن كل فرد يمتلك سبع قدرات عقلية مستقلة نسبياً ( سبعة أنواع من الذكاء ) هي :
* الذكاء اللغوي Linguistic Intelligence
وهو القدرة على استخدام الكلمات شفوياً أو تحريرياً بفاعلية ويتضمن القدرة على تناول
ومعالجة بناء اللغة وأصواتها ومعانيها والاستخدام النفعي للغة .
* الذكاء المنطقي الرياضي Logical – Mathematical Intelligence
استطاعة الفرد استخدام الأعداد بفاعلية وأن يستدلوا استدلالاً جيداً ويتضمن الحساسية
للأنماط والعلاقات والقضايا المنطقية والمجردة .
* الذكاء المكاني Spatial Intelligence
وهو القدرة على إدراك العالم البصري المكاني visual – spatial وتحويلها وتعديلها ووصف التغيرات التي تطرأ عليها نتيجة الانتقال والدوران ويتضمن هذا الذكاء الحساسية للألوان والخطوط والأشكال والفراغات والعلاقات بين هذه العناصر .
* الذكاء الجسمي الحركي Bodily – kinesthetic Intelligence
يتمثل في استخدام الجسم أو بعض أجزاءه للتعبير عن الأفكار والمشاعر وانتاج وتشكيل الأشياء وتحويلها .
* الذكاء الموسيقي Musical Intelligence
يتمثل في القدرة على إنتاج الأنغام وتقدير الإيقاعات وطبقات الصوت والجرس الموسيقي
* الذكاء الاجتماعي Interpersonal Intelligence
يتمثل في القدرة على إدراك وتمييز مشاعر الآخرين وأمزجتهم ودوافعهم والحساسية لتعبيرات الوجه والصوت والقيم والمعتقدات والتصرف بناء على ذلك ويتضمن فهم الذات والتحكم فيها واحترامها وتوظيف ذلك في اتخاذ القرارات والإيماءات .
* الذكاء الشخصي Intrapersonal Intelligence
معرفة الذات والقدرة على التصرف توافقياً على أساس تلك المعرفة وهذا الذكاء يتضمن أن يكون لدي الفرد صورة دقيقة عن نفسه والوعي بأمزجته الداخلية ومقاصده ودوافعه وحالاته المزاجية والانفعالية ورغباته والقدرة على تأديب الذات وفهمها وتقديرها
( جابر عبد الحميد،2003،10 – 12 ) .
ثم أضاف جاردنر أنواع أخرى من الذكاءات نتناول منها الذكاء الطبيعي فقط لارتباطه بموضوع البحث الحالي.
* الذكاء الطبيعي Natural Intelligence
يتمثل في القدرة على تمييز وتصنيف الكائنات الحية والجمادات ويتضمن الحساسية والوعي بالتغيرات التي تحدث في البيئة .
2- الدافعية Motivation
ويقصد بها المثابرة وحث النفس على الاستمرار في مواجهة الإحباط والشعور بالأمل والتفاؤل في مواجهة العقبات، وبذل الجهد من أجل تحقيق الأهداف والطموحات المستقبلية ( فوقية راضى، 2002،36)
ويعرف الباحث دافعية التلميذ نحو تعلم مفاهيم الرياضيات إجرائيا””: بالدرجة التي يحصل عليها التلميذ على مقياس الدافعية نحو تعلم مفاهيم الرياضيات المعد لهذا الغرض.
3- التحصيل الدراسي Achievement Scholastic
تعرف فايزة عوض ( 1999،22) التحصيل على أنه ناتج ما تعلمه المتعلم بعد مروره بعملية التعلم ويقاس بالدرجة التي يحصل عليها المتعلم في الاختبار التحصيلي المعد لهذا الغرض.
ويعرف الباحث التحصيل الدراسي إجرائيا””: على أنه محصلة ما يتعلمه التلميذ في مادة الرياضيات بعد مرور فترة زمنية معينة، ويمكن قياسه بالدرجة التي يحصل عليها التلميذ في الاختبار التحصيلي المعد لهذا الغرض، وذلك لمعرفة نجاح الإستراتيجية التي
يضعها ويخطط لها المعلم ليحقق أهدافه وما يصل إليه التلميذ من معرفة تترجم إلى درجات.
4- الاندماج في العمل Task engagement
تعرف ديلهانت(Dilihunt,2003,2) اندماج التلميذ في العمل : أن التلميذ مشغول بالعمل
المدرسي، فيقوم به بجدية وارتياح
ويعرف الباحث الاندماج في العمل إجرائيا””: بالدرجة التي يحصل عليها التلميذ في بطاقة ملاحظة التلميذ في العمل المعد لهذا الغرض .
إجراءات الدراسة :
يتبع الباحث الخطوات التالية لإتمام الدراسة :
1- دراسة نظرية تستهدف صياغة إطار نظري يتضمن الجوانب المختلفة لموضوع الدراسة.
2- دراسة تحليلية ناقدة للأبحاث والدراسات السابقة التي تناولت علاقة استراتيجيات
الذكاءات المتعددة بالتحصيل الدراسي ودافعية التلاميذ نحو تعلم الرياضيات و اندماج التلاميذ في العمل المدرسي .
3- اختيار عينة الدراسة وأدواتها والتحقق من صلاحية تلك الأدوات ووصفها وصفاً شاملاً بالإضافة إلى بيان الإجراءات المتبعة في ذلك .
4- * تطبيق مقياس الدافعية نحو تعلم مفاهيم الرياضيات على المجموعتين التجريبية
والضابطة.
* تطبيق بطاقة ملاحظة اندماج التلاميذ في الدرس على المجموعتين التجريبية
والضابطة .
* تطبيق اختبار الرياضيات الجزئي على المجموعتين .
أ- المجموعة التجريبية: التي سيدرس لها باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة.
ب- المجموعة الضابطة: التي سيدرس لها بالطريقة التقليدية .
وسوف تقتصر الدراسة الحالية على التلاميذ الحاصلين على أقل75 % في الاختبار التحصيلى القبلي أما من يزيد عن 75% فيستبعد .
5- التدريس للمجموعة التجريبية باستخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة والتدريس للمجموعة الضابطة بالطريقة التقليدية لمدة فصل دراسي كامل .
6 * تطبيق مقياس الدافعية نحو تعلم مفاهيم الرياضيات على المجموعتين التجريبية
والضابطة .
* تطبيق بطاقة ملاحظة اندماج التلاميذ في الدرس على المجموعتين التجريبية
والضابطة .
* تطبيق اختبار التحصيل الجزئي على المجموعتين التجريبية والضابطة.
* تطبيق اختبار التحصيل الكلى على المجموعتين التجريبية والضابطة.
7- تسجيل النتائج وإجراء التحليل الإحصائي لها بما يتفق وأهداف الدراسة .
8- تفسير النتائج ومناقشتها في ضوء نتائج الأبحاث والدراسات السابقة .
9- تقديم بعض التوصيات والبحوث المقترحة في ضوء ما تسفر عنه نتائج الدراسة .